شارك المنتخب المغربي لكرة القدم 5 مرات في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، ولعل أبرزها كان عام 1986 عندما بلغ ثمن النهائي في إنجاز تاريخي عربي وإفريقي، لكن المغامرة توقفت بسبب خطأ في الحائط البشري وذكاء نجم ألمانيا الغربية لوثار ماتيوس.
صمد المغرب حتى الدقيقة 88 عندما انسحب مدافعه نور الدين البويحياوي من الحائط البشري إثر ركلة حرة مباشرة، فاستغل ماتيوس الثغرة وسدد الكرة بذكاء داخل الشباك منقذا منتخب بلاده من التمديد، ومنهيا مغامرة الأسود.
علق حارس مرمى المغرب وقتها العملاق بادو الزاكي، قائلا “عند إعلان الحكم عن الخطأ سهرت على تثبيت الجدار، وبسبب طول قامته، حجب المدافع لحسن الوداني الزاوية التي أراقب منها منفذ الضربة ماتيوس، وبينما كنت أطلب منه تغيير المكان فوجئت بالبويحياوي يخرج من مكانه، لم يكن لي الوقت لترميم الجدار، فنفذ ماتيوس الركلة الحرة وسجل الهدف”.
وأضاف: “سألت البويحياوي بعد المباراة عن سبب خروجه من الحائط، فأجابني بأن (عبد المجيد) الظلمي هو الذي طلب منه ذلك. عموماً كانت المشاركة هامة وإيجابية، نتيجتها غير مسبوقة”.
من جهته، اعتبر البويحياوي أن الخطأ مشترك بينه وبين الحارس، وقال: “الحقيقة أنا الذي خرجت من الحائط، فعندما يتم ترتيب عناصره يكون بينهم واحد أساسي بقامة طويلة، وشخصيا كنت مكلفا بهذه المهمة. أعتقد أننا نتقاسم الخطأ لأن الزاكي لم يكن في الوضع السليم في المرمى. أنا تحركت وخرجت من الحائط، وماتيوس بذكائه سدد الكرة في المكان المناسب”.
عموما استفاد المغرب جيدا من درس المونديال المكسيكي الأول عام 1970 لإعادة ترتيب بيته وإعداد منتخب جيد مثّله أحسن تشريف في النهائيات.
استغرق ذلك 16 عاما بالتحديد وبات أول منتخب عربي وإفريقي يبلغ الدور الثاني، بعدما خالف التوقعات في مجموعة صعبة في الدور الأول، حيث أحرج بولندا وإنجلترا بالتعادل معهما سلبا، قبل أن يكتسح البرتغال 3-1.
نقطة أولى
سيبقى الثالث من يونيو عام 1970 مسجلا بأحرف من ذهب في سجل الكرة المغربية، لأنه كان موعدا لأول مباراة لمنتخب بلادها في كأس العالم.
ضمّت صفوفه لاعبين موهوبين جميعهم في الدوري المحلي في مقدمتهم الحارس العملاق علال بن قصو وإدريس باموس وأحمد فراس وسعيد غاندي والغزواني وحمان جرير وقاسم السليماني ومحمد المعروفي.
كان المونديال المكسيكي انطلاقة هذه العناصر الشابة نحو النجومية وبالتحديد قاريا، لأنهم أحرزوا لقب كأس الأمم الإفريقية بعد 6 سنوات في إثيوبيا.
لم ترحم القرعة المغرب ووضعته في مجموعة قوية إلى جانب ألمانيا الغربية التي بلغت نصف النهائي، قبل أن تنهي المسابقة ثالثة، والبيرو بطلة أمريكا الجنوبية، وبلغاريا التي تصدرت المجموعة الأوروبية الثامنة أمام بولندا وهولندا.
رشح المراقبون الألمان لتحقيق فوز سهل وبنتيجة كبيرة، لكن حصل ما لم يكن في الحسبان، لأن المغاربة أبانوا عن قتالية كبيرة وكانوا قاب قوسين أو أدنى من تفجير المفاجأة لأنهم تقدموا طيلة الشوط الأول بهدف سجّله حمان (21).
والطريف في الشوط الثاني هو أن الحكم الهولندي لورنس فان رافنس أعطى انطلاقته، برغم أن صفوف المغرب لم تكن مكتملة فغاب الحارس بن قصو لمدة دقيقة، ولحسن حظه لم تستغل ألمانيا الموقف لكن ذلك لم يمنعها من الضغط بقوة بحثا عن التعادل الذي تأتى عبر زيلر (56)، ثم الفوز عبر القناص مولر (80).
وتابع المغرب ظهوره المشرف في المباراة الثانية ضد البيرو على الرغم من خسارته بثلاثية نظيفة، قبل أن يحصد نقطته الأولى في النهائيات بتعادله مع بلغاريا 1-1.
خيبة 1994
مرّت الكرة المغربية بفترة فراغ بعد الإنجاز التاريخي لأسودها في مونديال 1986، وكانت الكارثة الخروج من الدور الأول لتصفيات مونديال 1990، لكنها استعادت توازنها بعد 4 سنوات وحجزت بطاقتها إلى مونديال الولايات المتحدة بنجوم صاعدة في مقدمتها مصطفى حجي وحسن كشلول والمدافع إسماعيل التريكي السماحي ورشيد العزوزي وعبد الله ناصر.
وبالإضافة إلى هذا الخماسي “المهاجر” كان العمود الفقري يتشكل من لاعبي فريق الوداد البيضاوي، الذي تألق في مطلع التسعينات وأحرز لقب دوري أبطال أفريقيا (1992).
ووضع المغرب في المجموعة السادسة إلى جانب بلجيكا والسعودية وهولندا، وأبلى البلاء الحسن وقدم عروضا مقبولة لكنه خرج خالي الوفاض بثلاث هزائم.
فرحة لم تكتمل
كشر المغرب عن أنيابه ووجّه إنذارا إلى خصومه في مونديال 1998، بعد عرضه الرائع في أولى مبارياته ضد النرويج (2-2).
انتظر أسود الأطلس 20 عاما لحجز بطاقتهم إلى النهائيات، ومرة أخرى لم ترحمهم القرعة التي أوقعتهم في مجموعة نارية ضمت البرتغال بطلة أوروبا عام 2016 وإسبانيا بطلة مونديال 2010، وإيران.
علق المغاربة آمالهم على المواجهة الأولى أمام إيران، لكنهم دفعوا ثمن فرصهم المهدرة ووضعوا أنفسهم أمام مهمة شبه مستحيلة لبلوغ ثمن النهائي، بخسارتهم القاتلة بهدف من نيران صديقة (90+5).
تجرع المغاربة خسارة مريرة أمام البرتغال بهدف جدلي لنجمها كريستيانو رونالدو في الجولة الثانية.
قدم المنتخب المغربي للمباراة الثالثة تواليا عرضا رائعا وكان قريبا من تحقيق فوزه الثالث في تاريخه، عندما تقدم مرتين على إسبانيا، قبل أن تهتز شباكه في الوقت بدل الضائع ويكتفي بنقطة واحدة على غرار مشاركته الأولى عام 1970.